حب التجارة منعه من إكمال تعليمه.. ومشاغله الدنيوية لم تلهه عن آخرته
الملياردير السعودي سليمان الراجحي بدأ طباخا وحمالا وبائع كيروسين بثوب وحيد
"الحياة كلها صعبة، فلا يوجد شيء اسمه صعب وآخر غير صعب، والإنسان الناجح هو الذي يكافح في هذه الحياة. وقصتي في التجارة طويلة ومليئة بالصعاب، ولم تكن مفروشة بالورود كما يتوقع البعض"، هكذا بدأ الملياردير السعودي الشهير الشيخ سليمان بن عبد العزيز الراجحي رواية قصة استمرت قرابة 80 عاما في عالم التجارة.
سليمان الراجحي -الذي احتل المرتبة الـ107 عالميا في قائمة "فوربس" لأثرياء العالم، والمرتبة السابعة عربيا بثروة تبلغ 8.4 مليارات دولار- روى قصة حياته وعمله منذ نعومة أظفاره، ورفضه إكمال تعليمه، وعمله طباخا وحمالا وجامعا لروث الإبل حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن.
يقول "لم أكن أُفطر، كنت حمالا لأغراض الناس، وأنتظر الثوب الوحيد حتى يجف لألبسه".
سليمان الراجحي -الذي احتل المرتبة الـ107 عالميا في قائمة "فوربس" لأثرياء العالم، والمرتبة السابعة عربيا بثروة تبلغ 8.4 مليارات دولار- روى قصة حياته وعمله منذ نعومة أظفاره، ورفضه إكمال تعليمه، وعمله طباخا وحمالا وجامعا لروث الإبل حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن.
يقول "لم أكن أُفطر، كنت حمالا لأغراض الناس، وأنتظر الثوب الوحيد حتى يجف لألبسه".
بدأ من لا شيء، حيث ولد وترعرع فقيرا لا يملك ملبسا فاخرا يرتديه، لم يترك وظيفة إلا عمل بها، ولم يترك بابا من أبواب الرزق الحلال إلا طرقه.
دخل بعض المشاريع وطورها وجعلها من أفضل وأنجح المشاريع المتخصصة فينشاطها، ومنها مصرف الراجحي حيث كان شركة متواضعة، والآن هو من أكبر الشركات المصرفية في المنطقة والعالم، وكذلك الشركة
الوطنية للدواجن وإنتاج البيض، حيث تعتبر من أكبر مزارع الدواجن وتفقيس البيض في العالم، وكذلك مشروع تربية الأغنام في الجوف, ومشروع شركة الروبيان الوطنية في الليث، التي تعتبر من أكبر الشركات محليا وعالميا.
تحدث الراجحي في اللقاء الأول ضمن لقاءات برنامج "قدوة"، الذي تقيمه جامعة الأمير سلطان في الرياض أمس، بهدف رصد وتوثيق تجارب الناجحين من كبار رجال الأعمال، عن حياته وكيف بدأ التجارة منذ أن كان في التاسعة من عمره، مكتفيابدراسة الصف الثاني الابتدائي من التعليم، معرجا على الأعمال البسيطة التي بدأ بها حياته، وعن المراحل الصعبة التي واجهته في أعماله المختلفة في المصرفية الإسلامية والدواجن والزراعة والمشاريع الأخرى، والتي بلغت خسائره في بعضها أكثر من مليار ريال سعودي في بداياتها (الدولار = 3.75 ريالات).
ولد الشيخ سليمان في مدينة البكيرية إحدى مدن منطقة القصيم، وانتقل مع أسرته إلى الرياض بحثا عن الرزق، وعمل في مهن كثيرة بداية من طباخ إلى حداد إلىحمال إلى جامع للحطب وروث الجمال، حسبما يروي وكان عمره وقتها بين السابعةوالعشرين.
تعلم الشيخ سليمان في البكيرية معنى الإخلاص والتعاون، "نعم الإخلاص لأنه لا بد من العمل والتعب حتى تحصل على لقمة عيشك، والتعاون لأن كل فرد من أفراد الأسرة له دور كبير في بناء المنزل، فليس معنى أن الولد صغير ألا يعمل، بل كلنا أنا وإخوتي خرجنا للعمل ونحن أطفال، ولكن طفولتنا تختلف عن طفولة اليوم، فطفولتنا لم تتعد عدة أعوام، ثم دخلنا في مجال العمل والحياة، أما أطفال اليوم فيظلون أطفالا لما بعد العشرين".
ويعود الراجحي بالذاكرة إلى الوراء، ويتحدث عن مراحل تطور المملكة قبل وبعد الطفرة النفطية، وقال إن الحياة قديما كانت سهلة وبسيطة من ناحية الشكل، ومن الناحية الاقتصادية كان الكثيرون يعيشون في فقر شديد وليس مثل فقر اليوم.
وعن سبب عدم إكمال تعليمه قال "إخوتي كلهم اهتموا بالتعليم ونجحوا فيه ولكنني كنت طفلا شقيا (بأدب)، فكنت أتغيب عن المدرسة وأتشاجر مع الطلاب، ولا أنتبه للدروس وصار المعلمون يشتكون مني كثيرا، ولم تكن لي رغبة في إكمال التعليم لأنني كنت منشغلا بحب العمل خارج المدرسة، فكنت مشدودا للتجارة منذ طفولتي ولذا لم أكمل تعليمي، ولكنني في المقابل اهتممت بالتجارة وأكملت تعليمي بطرقأخرى".
وتابع "بدأت أحمل للناس أغراضهم، وإذا أذَن الظهر أقوم برصد أغراض الناس وأراقبها، وكان ذلك مقابل نصف قرش، وكان الريال حوالي 22 قرشا في ذلك الزمن، وكنت أحمل الأغراض في زمبيل وكانت المسافة حوالي كيلو مترا في الحملة من حي إلىحي".
وأضاف أنه عمل بعد ذلك طباخا لإحدى الشركات التي تعمل في مشاريع الدولة، "ولكني لم أستمر طويلا حيث كان يوجد معي في أثناء عملي طباخ يأخذ راتبا أكثر مني، فطلبت زيادة راتبي، ولما رفضوا استقلت واخترت محلا صغيرا، وبدأت أبيع سكرا وقهوة وهيلا وكان هذا عام 1365 هجرية وعمري وقتها 15 عاما، وكانت ثروتي وقتهاحوالي 400 ريال، فقررت أن أستفيدَ منها في المواد الغذائية".
في عام 1376 بدأ الشيخ سليمان بالاستقلال بنفسه، وفتح دكانا باسم أخيه صالح وبالمشاركة معه، حيث دفع كل منهما 100 ألف ريال بعد أن بدأت الأموال تجري فيأيديهما.
وأشار إلى أن العملات السائدة وقتها كانت هي الريال وكانت قيمته 22 قرشا، وكان من يملك ألف ريال وقتها يعتبر أكبر تاجر.
وكانت العملة بالريال الفرنسي، ثم صارت بالروبية، ثم صارت بالريال السعودي الكبير، ثم جاء الريال العربي السعودي الصغير مثل ربع الريال ونصف الريال والريال.
عند بدايته التجارية الكبيرة، كان الشيخ سليمان مستأجرا منزلا وعنده زوجتان وله أولاد وكان يعمل بجانبه ويسكن معه أيضا أحد أبناء عمه، وكانت مصاريف المنزل في الشهر حوالي عشرة ريالات، وفي عام 1384هـ اشترى فيلا في حي الكندرة، وفي عام 1388هـ اشترى أرضا في جنوب جدة وبنى فيها الدار التي انتقل للسكن فيها عام 1390هـ وظل فيها فترة حتى عاد بعد عدة سنوات إلى الرياض.
وقال "حين وصلت كان أخي صالح يفتح محلا للصرافة -محل صغير- وقال لي إن تكاليف معيشتك على حسابي ومعاشك 30 ريالا في الشهر وعملت معه فترة في الصرافة، وفي عام 1367هـ تزوجت ابنة عمي التي كنت خطبتها أولا أي تزوجت الزوجة الثانية".
وعن أبرز صفاته في العمل قال "إنني أحب عملي كثيرا، وأبدؤه من الساعة السادسة والنصف صباحا، وإذا التزمت بموعد لا بد أن أكون حاضرا قبل هذا الموعد، وذات مرة في سويسرا واعدت رجلا الساعة الثامنة، وتعطلت السيارة، وتأخرتحوالي أربع دقائق، ورفض هذا الرجل أن يستقبلني وشرحت له الوضع فقال هذهعادات".
وأضاف أنه بعد ثلاثة أشهر طلب مني موعدا، وجاء متأخرا عن موعده 10 دقائق، ورفضت أن أستقبله وشرح وضعه، ورغم ذلك لم أقابله، وأنا لا أحب أن أتأخر على أحد ولا أحد يتأخر علي.
وعن كيفية توفيقه بين عمله وبيته على الرغم من كثرة شركاته وزوجاته الأربع وأولاده ومشاغله، قال "أعتقد أن الإنسان يجب عليه تنظيم وقته فلا ينام النهار ويسهر الليل أو يسهر في اجتماعات ليس لها فائدة، ويجب وضع نظام وبرامج، وعندي عائلة طيبة تحترمني وأحترمهم، ونتعامل بود وحب وكرامة وتقدير".
ونصح التجار بالأمانة، وقال "يجب على الإنسان أن يرتبط بالله في عمله الدنيوي، وطالب الشباب أن يتعلموا ماذا واجه الآباء من متاعب حياتية وفكرية وغذائية وتربوية، وأن يحذوا حذو آبائهم، وأن يكونوا في خدمة بلادهم لأنها تستحق منهم الجهد وتقدم لهم الكثير".
كما نصح الشباب بعدم انتظار خطاب من الحكومة للتعيين في أي وظيفة، وتعجب ممن ينتظر الخطاب سنوات ولا يعمل حتى يقارب الثلاثين ويعتمد على أهله في تلك الفترة.
وخلال اللقاء قدم الراجحي نصيحته للشباب والشابات المقدمين على العمل التجاري بوضع الهدف الواضح نصب أعينهم والمصداقية في العمل، وحثهم على التفكير بشكل صحيح في طريقة إنفاق الأموال على المستوى الشخصي وعلى مستوىالأعمال، منتقدا طريقة الشباب الحالية في هذا الجانب.
وانتقد مظاهر البذخ في المجتمع السعودي، معتبرا أنها من أسباب الغلاء في السعودية، وركز على مظاهر الفرح المبالغ فيه في الولائم والملابس للزوجات، داعيا إلى الاقتصاد في هذه المظاهر بما لا يجعل المملكة تتفوق على أمريكا وأوروبا مجتمعة في استهلاك الأرز على سبيل المثال.
ومع حرصه ومتابعته أعماله الدنيوية، فإنه لم ينس آخرته من العمل والبذل والعطاء، فشرع في بناء المساجد وتشييد المساكن للفقراء ورعاية الأسر المحتاجة، وتأسيس ما يسمى "صندوق العائلة" وهو عبارة عن صندوق خيري خاص بعائلة"الرواجح"، فضلا عن قيامه بتأسيس مؤسسة خيرية تحمل اسمه تتمثل في تفعيل وتأصيل الأعمال الخيرية بمختلف مشاربها وأنواعها داخل المملكة دون تمييز.
0 comentarios:
Publicar un comentario